بين فقر الشارع وبذخ القصور.. زفاف ابنة مسؤول إيراني بارز يشعل الغضب الشعبي

بين فقر الشارع وبذخ القصور.. زفاف ابنة مسؤول إيراني بارز يشعل الغضب الشعبي
صورة من فيديو حفل الزفاف

أثار مقطع فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي في إيران عاصفة من الجدل والغضب، بعد أن أظهر مشاهد من حفل زفاف فاخر لابنة علي شمخاني، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي وعضو مجلس الدفاع الوطني.

الفيديو، الذي نُشر مساء السبت 18 أكتوبر، أظهر مظاهر بذخ لافتة في فندق "إسبيناس بالاس" الفخم بالعاصمة طهران، حيث غابت عنه مظاهر الالتزام بالحجاب الإجباري، وظهرت العروس بفستان أبيض حديث الطراز، في مشهدٍ وصفه كثيرون بأنه "فضيحة سياسية" تكشف التناقض بين خطاب النظام وسلوك مسؤوليه، وفق "إيران إنترناشيونال".

مفارقة بين الدعوات للتقشف وحياة النخبة المترفة

جاءت ردود الفعل غاضبة على مواقع التواصل، إذ تساءل كثير من الإيرانيين عن معنى دعوات السلطة إلى "الصبر ومواجهة العقوبات" بينما يعيش كبار مسؤوليها في رفاهية لا يجرؤ المواطن العادي على تخيلها.

وكتب أحد النشطاء: "عندما يطلبون منا التضحية، يحتفلون هم في أفخم فنادق طهران".

وكان النائب السابق معين الدين سعيدي قد وجّه في مايو الماضي انتقادات مبطّنة إلى شمخاني، معتبراً أن إقامة مثل هذا الحفل في فندق من أفخم فنادق إيران تمثل استخفافاً بمشاعر الناس.

حفل مثير للجدل

ذكرت صحيفة "آرمان ملي" الإيرانية في حينه أن تكلفة الزفاف بلغت نحو مليار وأربعمئة مليون تومان، في تناقض واضح مع تصريحات سابقة لشمخاني حول "التقشف والحياة البسيطة".

كما أظهرت بطاقة الدعوة التي تسرّبت إلى الإنترنت في أبريل الماضي أن الحفل أقيم في فندق إسبيناس بمراسم فخمة حضرها مسؤولون وشخصيات عامة.

وأثارت مشاهد النساء غير المحجبات خلال الحفل جدلاً واسعاً، خاصة في ظل التشدد الرسمي تجاه الحجاب الإجباري في الشارع، وإغلاق المقاهي وقاعات المناسبات لمجرد رصد حالات عدم التزام فردية.

انتقادات خارجية ومواقف ساخرة

لم تقتصر ردود الفعل على الداخل الإيراني، إذ نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة الفارسية صوراً من الحفل وعلّقت بسخرية: "يبدو أن شرطة الإرشاد موجودة فقط لعامة الناس في إيران".

واعتبر مراقبون أن هذا التفاعل يعكس مدى تآكل صورة النظام الإيراني في الخارج، وأنّ الممارسات المتناقضة لمسؤوليه تُفقده ما تبقى من مصداقية أمام جمهوره في الداخل.

عائلة غارقة في النفوذ والثروة

لم يكن الجدل حول حفل الزفاف سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الاتهامات التي تلاحق عائلة شمخاني.

فقد كشفت تقارير إيرانية ودولية عن تورط نجله حسين شمخاني في صفقات نفطية مشبوهة، خضع بسببها لعقوبات أمريكية وأوروبية، بينما يعمل أقاربه في مواقع دبلوماسية وتجارية حساسة.

وفي يناير الماضي، ذكرت وكالة "بلومبرغ" أن حسين شمخاني يلعب دوراً رئيسياً في نقل الأسلحة والمواد الحساسة بين إيران وروسيا، ووصفت الشبكة المالية التي يديرها بأنها من "الأكثر نفوذاً وغموضاً في المنطقة".

ازدواجية الخطاب الرسمي ومأزق الثقة

يأتي الجدل في وقت يعيش فيه الإيرانيون أوضاعاً اقتصادية متدهورة، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها.

ويرى محللون أن هذه الحوادث المتكررة تعمّق فجوة الثقة بين الشعب والنظام، إذ تبرز التناقض بين الشعارات التي ترفعها القيادة حول "المقاومة والزهد"، وبين واقعٍ يُظهر أن النخبة الحاكمة تنعم بامتيازات استثنائية بينما يُطالب المواطنون بالتقشف والصبر.

منذ احتجاجات سبتمبر 2022 التي اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني، يعيش المجتمع الإيراني حالة من التوتر السياسي والاجتماعي، تترافق مع تصاعد الغضب الشعبي من الفساد والقيود المفروضة على الحريات الشخصية، خصوصاً قضية الحجاب الإجباري.

وتزايدت خلال العامين الماضيين التقارير عن الفجوة الطبقية بين المسؤولين والمواطنين، في ظل العقوبات الدولية وتراجع الاقتصاد المحلي.

زفاف ابنة شمخاني لم يكن مجرد حدث اجتماعي عابر، بل تعبيراً رمزياً عن نظامٍ يعيش ازدواجية خطيرة بين خطاب "الثورة والمقاومة" وممارسات طبقة حاكمة تغرق في مظاهر الترف والفساد، في وقت تتسع فيه دائرة الفقر واليأس في أوساط الإيرانيين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية